دليل أطباء طرطوس

الجمعة، 7 مايو 2021

تقليد أعمى

 

تقليد أعمى

 


يحكى أن حمارين لأحد التجار اعتاد إرسالهما بالأحمال إلى المخزن وحدهما، وكان أحدهما يحمل أكياس الملح الثقيلة، والآخر يحمل الكثير من الأواني الفارغة.. وكان الأول يشكو طوال الطريق من ثقل ما يحمل حتى أنهكه العطش وقد وصلا إلى نهر كثير الماء، فأسرع الحمار الأول وغطس في الماء ليروي عطشه، ثم ما لبث أن خرج منتعشاً سعيداً وقد تخلص من ثقل الأكياس بعد أن ذاب الملح في الماء.. نظر الحمار الثاني إلى صاحبه كيف يقفز خفيفاً نظيفاً، فأسرع يغطس في الماء مقلداً صاحبه رغم أنه لم يكن يشعر بأي ثقل للأواني الفارغة على ظهره، وخرج من الماء بصعوبة وجهد كبير لأن الأواني التي يحملها كانت قد امتلأت بالماء والطين!

مشكلة الكثير من الأشخاص في مجتمعنا أنهم يميلون إلى التقليد الأعمى للآخرين طمعاً واستسهالاً، بينما يعتمد نجاح أي عمل على حب صاحبه له وإيمانه به ورغبته في إنجاحه، يضاف إلى ذلك الموهبة والقدرة على التطوير والابتكار، والاستعداد النفسي للخيبات والصعوبات مراراً وتكراراً مقابل كل خطوة نجاح واحدة.. لذلك تجد صاحب العمل الناجح يتابع عمله في هدوء بعيداً عن صخب المقلدين وأصواتهم، لأنه يعلم أن المهنة الواحدة يمارسها ملايين الأشخاص، وينجح الآلاف، لكن لا يتميز إلا عشرات، ولا يستمر في الحفاظ على ذلك التميز إلا قلة قليلة..

ولا يشبه استسهال هؤلاء المقلدين للعمل طمعاً في ما يتجاوز قدراتهم وإمكانياتهم إلا طمع تلك النملة التي وقفت أمام قطرة العسل الكبيرة كأنها بحيرة وتذوقتها لتعرف طعم العسل الذي يتحدث عنه الجميع، ولما كان العسل لذيذاً ورغبت النملة في المزيد تذوقت قليلاً من أطراف القطرة وهي تدور حولها، لكنها فكرت أن مذاقها في المنتصف لا شك أطيب وألذ، غاصت أرجلها الرقيقة ثم ما لبثت أن عجزت عن الخروج حتى ماتت غرقاً في العسل الذي طمعت في لذته..

 

جريدة الشراع

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة