مغارة بيت الوادي.. محطة تاريخية هامة فريدة في طبيعتها وتكويناتها
لموقعها خصوصية فريدة، فهي تستقر بين أشجار الدلب الباسقة التي يزيد عمرها عن الـ 150 سنة على جدار جوف صخري كونته ملايين السنين نتيجة مرور نهر جليدي ضخم في تلك المنطقة .
تعتبر محطة تاريخية هامة, عثر فيها على بقايا عظام بشرية, وعلى لقى أثرية وقطع فخارية ونصلات صوانية في أماكن متعددة, والكتابات التي وجدت عليها وعلى جدرانها قد تكون مصدر اهتمام علماء التاريخ والاجتماع ودليلاً للحقب التاريخية التي توالت عليها.
فهي من أجمل المغاور المعروفة في منطقة الدريكيش، بما تمتلكه من مزايا فريدة في طبيعتها وتكويناتها لكثرة تنوع التكوينات الكلسية التي تشكل أكثر من 70% من مساحة المغارة ولديها من الخصائص الجمالية ما يستقطب السائح إليها, بل لمحافظة طرطوس كلها, إضافة إلى أنها تجاور العديد من المناطق السياحية والأثرية منها مدينة صافيتا والدريكيش ومشتى الحلو وقلعة حصن سليمان .
موقعها وأهميته
تبعد
المغارة 3
كلم
عن قرية دوير رسلان في أسفل سفحي جبلين في قرية بيت الوادي, على بعد ثمانية عشر كيلومترا
شمالي شرقي مدينة الدريكيش في أجمل منطقة خضراء بين مجموعة من الينابيع العذبة,
تستقر في واد سحيق مكسو بالأشجار, على جدار جوف صخري تكوَّن منذ ملايين السنين
نتيجة مرور نهر جليدي ضخم في تلك المنطقة لا تزال آثاره ماثلة للعيان تخبر كل
من ينظر إليها عن قوة وجبروت الطبيعة التي استطاعت بالمياه والجليد أن تحفر هذا
الوادي العظيم والمغارة .
تبلع
مساحة
المغارة
من الداخل حوالي7000 متر مربع، وعمق حوالي 500 متر، وترتفع عن سطح البحر حوالي
540 متراً، وهي تتصف بثبات درجة الحرارة فيها على ثماني عشرة درجة مئوية صيفاً
وشتاءً, وقد تعرضت المنطقة منذ ملايين السنين لزلزال قوي أدّى لانكشاف جيولوجي داخلها.
كثرة الصواعد والنوازل
عند الإشارة إلى أهمية ما يميز المغاور في بلادنا نجد عناصر كثيرة منها توضعها في أماكن مميزة وتوزعها في جبالنا الساحلية حيث يمتاز معظمها بإطلالة رائعة على الوديان والسهول، إضافة إلى ما تختزنه من تاريخ قديم جداً يعود عمر البعض منها إلى ملايين السنين، ومن هذه المغاور في طرطوس: مغارة الضوايات، مغارة الحدية، مغارة جوعيت، مغارة هوة الجباب، مغارة سبة، مغارة فجليت وغيرها,
و تتميز بعضها بتشكيلاتها الطبيعية البديعة
من الصواعد والنوازل (ترسبات كلسية) التي تتدلى داخل المغارات من أسقفها وجدرانها.
وما
سبق ينطبق
على
مغارة بيت الوادي التي سميت على اسم القرية التي تقع ضمن حدودها وهي بيت الوادي والتي
تتميز بكثرة الصواعد والنوازل الطبيعية, وبطولها غير المحدود.
النبع الذي يرويها
من
مدخلها
الكبير
تخرج مياه النبع الذي ينبع من داخلها (نبع بيت الوادي الشهير بمياهه المعدنية)
الذي يروي بساتين إحدى عشرة قرية مثل بيت الوادي ودوير رسلان وبشمشة والمحيلبة
وبمنّة وعين بالوج، البويضة، قنية, وتصل غزارته 40ل/ثا وقت الشح، إلا أنها
ترتفع شتاء, وقد بني حوله مقصف يؤمه المصطافون، وقد عملت مؤسسة المياه على جر مياهه
ضمن شبكة لتوزيع مياه الشرب على عدة قرى مجاورة له, وتم تخديم المنطقة المحيطة
بها بشبكة (الكهرباء وهاتف ومياه و طرق).
أوصاف المغارة
ضمن
المدخل
بحوالي
200 متر إلى الأمام يوجد مدخلان آخران (مائي وصخري) أحدهما تخرج منه مياه النبع،
والآخر جاف، وعند السير في المدخل الجاف تظهر الصواعد والنوازل في كل جزء من المغارة
وسط فسحة داخلية كبيرة تتخللها ممرات صغيرة منتشرة على الجوانب الداخلية، كما
أنّ المغارة مكوّنة من طبقات ويوجد تحتها ممر له مدخله الخاص .
وعند
متابعة
السير
إلى الأمام يصل الزائر إلى منطقة صخرية زلقة يقطر الماء من سقفها، بعدها يظهر الوادي
الكبير وهو تجويف ضخم جداً أرضيته مغطاة بسماكة حوالي نصف متر من الوحل ويوجد
فيه بقايا الخفافيش التي تسكنه، وباتجاه قاع الوادي توجد منطقة بطول ثمانية أمتار
وعرض أربعة أمتار مبنية بالحجر بارتفاع حوالي ستين سنتيمترا تشبه بركة الماء وسطها
فتحة صنعيه تصل إلى غرفة كبيرة مبنية من الحجر أيضاً، فيها ما يشبه المصاطب الترابية
لوضع الأشياء عليها، وتقع ضمن طبقة سفلية في المغارة وهذه الطبقة موصولة مع
أحد التفرعات في بداية المغارة .
آثار لحياة بشرية
وجد
في المغارة
قطع
فخّارية كثيرة متناثرة في كل أرجائها، إضافة إلى وجود ست صوامع مبنية بما يشبه الحجر
الفخاري (الآجرّ) في التراب ولها فتحة قطرها حوالي سبعين سنتيمتراً قد تكون استخدمت
للتخزين، وقد عثر على أحد القطع الفخّارية كتابات قديمة غير مفهومة، كما لوحظ وجود
بقايا فخارية
مكسرة
تعود إلى عصور قديمة العصر الكالكوليتي أي 4500 ـ 3400 قبل الميلاد، ووجود بقايا
عظام إنسانية منثورة في أماكن عدة من المغارة، ما يدل على أن الإنسان استعمل
المغارة لمدة طويلة بدءاً من العصر الكالكوليتي مروراً بالعصر البرونزي القديم
الأول والحديث وصولاً للعصور الوسطى .
تكثر
فيها
التجاويف
الصخرية و الفراغات المجهولة كما تكثر الكتابات على الجدران والصخور في وسط
الصالات، وخاصة في الصالة الكبرى منها، وهي غير مقروءة أو مفهومة , لهذا تعتبر هذه
المغارة محطة تاريخية هامة لأن هذه الكتابات قد تكون مصدر اهتمام علماء التاريخ والاجتماع
ودليل للحقب التاريخية التي توالت على المغارة .
الوصول إليها
يتم
من خلال
مدينة
الدريكيش مباشرةً بطريق طوله حوالي 18 كيلومتراً ويصل عرضه في بعض النقاط
إلى 12 متراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق