دليل أطباء طرطوس

الاثنين، 17 مايو 2021

مضادات الأكسدة قيمة غذائية ووقائية عظمى

 

مضادات الأكسدة قيمة غذائية ووقائية عظمى

 


يمكن تعريف مضادات الأكسدة Antioxidants بأنها مجموعة من العناصر والمركبات الموجودة بصورة طبيعية في جميع الخضروات والفاكهة ومعظم الأعشاب الطبيعية، كما توجد أيضاً في لحوم الأسماك والبيض وبعض الحبوب. وقد اتضحت أهميتها الخاصة وفعاليتها الكبيرة في الوقاية والعلاج من كثير من الأمراض بسبب قدرتها على تحصين الجسم ضد غزو الجراثيم المرضية والقضاء عليها، فضلاً عن كونها تقي الجسم من أمراض العصر المتمثلة بتصلب الشرايين والقرحة المعدية ومرض السكر والسرطان وغيرها.. عدا عن دورها الفعال في الفتك بما يسمى المشتقات الشاردة Free Radicals الضارة،  والتي تنتج بصورة طبيعية عن عمليات التمثيل الغذائي داخل الجسم..

 

حقيقة المشتقات الشاردة

يؤدي عنصر الأكسجين دوراً مهماً في إنتاج الطاقة التي يستهلكها الجسم في عمليات وظيفية عديدة تجري في أعضاء الجسم وأنسجته وخلاياه، ويطلق على العمليات التي يتحول من خلالها الأكسجين إلى طاقة اسم الأكسدة Oxidation، وتتولد في أجسامنا بصورة طبيعية، ومن خلال عمليات التمثيل الغذائي التي نحصل من خلالها على الطاقة من الغذاء الذي نتناوله مركبات كيميائية غير ثابتة أو غير مستقرة شديدة القابلية للتفاعل لاكتساب صفة الثبات تسمى (المشتقات الشاردة) وسبب عدم ثباتها هو أنها تفتقر إلى إلكترون في إحدى الذرات لديها، أي أنها تحتاج إلى إلكترون لكي تصبح مستقرة، ومعلوم أن جزئيات أي مادة في الكون تحتوي على زوجين من الإلكترونات أو مضاعفاتهما حتى تسير في توازنها الطبيعي، وعندما تأخذ هذه المشتقات إلكتروناً من جزئ آخر مستقر فإنها تحوله إلى مشتق شارد آخر، لذا تستمر هذه التفاعلات بصورة متتالية وبسبب حدوث هذه التفاعلات التي تتم في وجود الأكسجين «الأكسدة»، تتعرض خلايا الجسم التي تهاجمها هذه المشتقات بغرض اكتساب صفة الثبات إلى التلف، ومع الوقت وعلى مدى سنوات طويلة تصاب أعداد هائلة من خلايا الجسم بالتلف والتدمير.

أغلب المشتقات الشاردة يتولد من عمليات التمثيل الغذائي بالجسم، وبعضها يتولد من مشتقات شاردة أخرى، وبعضها الأخير يتولد ويزداد بسبب عوامل أخرى مثل التعرض للأشعة فوق البنفسجية، وبعض الأمراض، والشيخوخة، وتناول بعض الأدوية، والتعرض للمبيدات الحشرية، والتدخين، والتعرض لملوثات الهواء والبيئة عموماً.

 

خطورة المشتقات الشاردة

يعتبر اكتشاف المشتقات الشاردة من أهم المنجزات العلمية التي تم التوصل إليها في مجال أبحاث الشيخوخة ومقاومة الأمراض، فهذه المشتقات تؤدي إلى تدمير واسع المدى متعاقب الآثار على خلايا وأنسجة الجسم كلها، وتسبب حدوث تلف في الجينات والبروتينات والإنزيمات والحمض النووي لخلايا DNA كما إنها تسرع من عملية الأكسدة الضارة بالجسم فتؤثر سلباً على العديد من  وظائفه الحيوية وتحدث الخلل الذي يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الأمراض.

وهكذا يتسارع معدل تدمير وتهرؤ خلايا الجسم بما يتجاوز قدرته على عملية الإحلال والتجديد اللازمة للتعويض، فيشيخ الجسم البشري وتهرم أجهزته وتتقاعس آلياته عن القيام بأدوارها الحيوية ويبدأ العد التنازلي للنهاية.

ويُقدّر أن هذه المشتقات الشاردة تسبب الإصابة بما لا يقل عن 60 مرضاً من أمراض الإنسان تتراوح في خطورتها بين الأورام السرطانية والذبحات الصدرية وتصلب الشرايين والسكتة الدماغية إلى قرحة المعدة والربو الشعبي والتهاب المفاصل الروماتويدي وإعتام عدسة العين (المياه البيضاء) فضلاً عن الشيخوخة المبكرة.

 

دور مضادات الأكسدة في حماية الجسم

تتعدد وظائف وأدوار مضادات الأكسدة لتغطي معظم حاجات الإنسان من الوقاية والشفاء وترميم أنسجة وخلايا الجسم وحماية الحمض النووي من تأثير الإشعاعات الضارة والمواد الكيميائية السامة.

وتعد مضادات الأكسدة المسؤول الرئيسي عن التعامل مع المشتقات الشاردة  والتي تزداد حدة وشراسة في حالات المرض والإرهاق النفسي والجسدي وزيادة التعرض للملوثات البيئية، ولا عجب فهي تتحد مع الأكسجين الزائد وتحرم المشتقات الشاردة من الأكسجين الذي تحتاج إليه لحدوث تفاعلاتها المدمرة للخلايا، والتي تجعلها تكتسب صفة الثبات، بل إن مضادات الأكسدة تقوم بتثبيط عمل المشتقات الشاردة وتصحح أوضاعها، إما بإعطائها (الإلكترون المطلوب) أو بسلبها أحد إلكتروناتها حتى توقف شذوذها وشرودها أو تقوم بتكسيرها والتخلص منها نهائياً وإلقائها خارج الجسم.

واللافت أن ثمة توازناً دقيقاً بين المشتقات الشاردة ومضادات الأكسدة الموجودة في الجسم في الحالات الطبيعية، بحيث لا تطغى المشتقات على المضادات، وبذلك تبقى خلايا الجسم في حماية مستمرة من هذه المواد المدمرة، بالرغم من أن خلايا الجسم تتعرض يومياً لعشرة آلاف ضربة من المشتقات الشاردة.

 

عائلة مضادات الأكسدة

تضم عائلة مضادات الأكسدة بعض الفيتامينات والمعادن والمواد الطبيعية التي تقاوم المشتقات الشاردة وتمنع عمليات الأكسدة وتلف الخلايا، ولقد اكتسبت فيتامينات (أ، ج، هـ) أهمية جديدة بعد أن عرف دورها الكبير في منع التأكسد وإطالة العمر الافتراضي لخلايا الجسم، ومعالجة بعض الأمراض.. وأهم أفراد عائلة مضادات الأكسدةهي:

1 ـ بيتاكاروتين وغيره من الكاروتينويدات: البيتاكاروتين هي المادة التي تتحول داخل الجسم إلى فيتامين أ، وتعد من أهم مضادات الأكسدة، إذ تمنع أكسدة الدهون خاصة، وتزيل جزيئات الأكسجين الزائدة.. وتتوافر هذه المواد بصفة خاصة في الخضراوات والفاكهة ذات اللون الأصفر أو البرتقالي مثل الجزر والتفاح والإجاص والمشمش والسبانخ واللبن والسمك.

2 ـ فيتامين ج: يعمل هذا الفيتامين المهم على تقوية جدران الأوعية الدموية وأغشية الخلايا وتحصينها ضد غزو الجراثيم، وفي تنشيط عدد كبير من الإنزيمات وتفعيل العمليات الحيوية والتمثيل الغذائي، وإبطال مفعول السموم، ومقاومة المشتقات الشاردة بتخفيفها ومعادلتها في المناطق المائية بالجسم مثل الدم وداخل الخلايا.. ويفيد تناول فيتامين ج بجرعات تتراوح بين 1 ـ 3 غ يومياً فيالوقاية من الذبحة الصدرية وتصلب الشرايين وأمراض الشريان التاجي والسرطان والمياه البيضاء، ويتوافر في الموالح عموماً والأوراق الخضراء للنباتات كالليمون والبرتقال والغريفون والجوافة والفلفل والبندورة والقرنبيط والبطاطا.

3 ـ فيتامين هـ: يحمي المناطق الدهنية من الجسم مثل جدران الخلايا من حدوث الأكسدة، ويقوم بإزالة المشتقات الشاردة، ولقد أظهرت دراسة أن إعطاء أشخاص جرعات كبيرة من فيتامين ج تتراوح بين 400 ـ 800 وحدة دولية أدى إلى انخفاض نسبة حدوث الجلطات القلبية بمعدل 77% وانخفاض نسبة تصلب شرايين القلب بنسبة 74%، يتوافر في زيت جنين القمح وزيوت السمك والذرة والزيتون والمكسرات والخضراوات الورقية مثل الخس والبقول والأسماك واللبن والبيض.

4 ـ السيلينيوم والزنك: يدخلان في تركيب إنزيمات عديدة مضادة للأكسدة والتي تقوم بمحو جزئيات الأكسجين الزائدة، يتوافر السيلينيوم في البصل والثوم والأسماك والحيوانات البحرية.. ويتوافر الزنك في العديد من الأطعمة، وخاصة التفاح والإجاص والخس.

ولولا وجود الحارس الأمين المعروف باسم فيتامين هـ ووجود معدن مهم هو السيلينيوم يعمل معه في منع تكوين المشتقات الشاردة أو على أقل تقدير على  إضعاف حركتها وتثبيط نشاطها لشاخ الإنسان منذ ولد.

5 ـ الفلافونويدات: مجموعة من الصبغات النباتية يزيد عددها على 200 نوع من الصبغات، وتتميز بمفعول قوي جداً كمضادات للأكسدة حيث تقاوم المشتقات الشاردة وتحمي فيتامين ج من التلف، وتتوافر الفلافونويدات في الشاي الأخضر، والنباتات ذات الأوراق الخضراء، وفي قشور الفواكه والخضروات.

 

المصادر الغذائية لمضادات الأكسدة

ـ البروكولي: يحتوي على كميات وافرة من الفيتامينات والمعادن الأساسية، ويحتوي كوب واحد من البروكولي المطبوخ 40 سعرة حرارية فقط، لكنه يزود الجسم بضعف الحصة الغذائية من فيتامين C وثلث الحصة من فيتامين A، وحمض الفوليك، والكالسوم والحديد والبروتين، وهو غني بـ Bioflavonoides المضادة للأكسدة والتي تقي من السرطان وتحمي الخلايا من الطفرات والتلف الحاصل بسبب الجزيئات غير المستقرة، وقد أظهرت الدراسات انخفاض معدلات الإصابة بسرطان الكولون والثدي وعنق الرحم والرئة والبروستات عند الذين يتناولون البروكولي بكثرة.

 

ـ التوت الأسود: غني بالألياف لاحتوائه على الكثير من البذور، يحتوي نصف كوب على 40 سعرة حرارية، ويوفر للجسم 15 ملغ من فيتامين C و10 مكغ من حمض الفوليك، و3.5 ملغ من فيتامين E وكميات قليلة من الحديد والكالسيوم، وتحتوي على ellagic acid الذي يقي من الإصابة بالسرطان، ومن سلبيات التوت الأسود أنه يحتوي على الساليسيلات التي تسبب حساسية عند المصابين بحساسية من الاسبرين.

يستخدم لمنع التهابات المسالك البولية لأنه يمنع التصاق البكتيريا بخلايا بطانة المسالك البولية.

 

ـ البندورة: غنية بفيتامينات A و Cوحمض الفوليك والبوتاسيوم، وهي مصدر جيد لمادة الليكوبين المضادة للأكسدة، والتي تعتبر عاملاً طبيعياً يقي من السرطان.

 

ـ الحبة السوداء (حبة البركة): تحتوي على مادة (النيجيللون) التي تعتبر أحد مضادات الأكسدة الطبيعية، ويحتوي زيت حبة البركة على أحماض دهنية أساسية مهمة لصحة الجلد والشعر والأغشية المخاطية، وكذلك عملية ضبط مستوى الدم وإنتاج الهرمونات في الجسم.

 

ـ الكيوي: فاكهة غنية بفيتامين C، كما تحتوي على أملاح الفوسفور والبوتاسيوم والحديد، ومن أهم فوائد الكيوي: مقاومة التهابات الأنسجة، التخلص من حالات الرشح الشديد، تنشيط المناعة عند الإنسان، مقاومة اضطرابات الدورة الدموية، تنشيط خلايا الأنسجة العصبية، تخفيض معدل الكولسترول في الدم.

 

ـ الشاي الأخضر: غني بالفلافونوئيدات المقوية للصحة وأوفرها ما يسمى EGCC الذي يلعب دوراً حيوياً في الخواص المضادة للأكسدة والمضادة للسرطان.. ومن أهم فوائد الشاي الأخضر: الحماية من الأمراض القلبية الوعائية وأمراض الشريان التاجي، تحسين نسبة الكولسترول السيء إلى الجيد، تثبيط انقسام وانتشار الخلايا السرطانية، يساد على حرق الدهون من خلال مساعدة الكبد على أداء وظيفته بشكل أكثر فاعلية، تخفيض ضغط الدم، الوقاية من التسمم الغذائي ومنع نمو البكتيريا الضارة في الأمعاء، وهو مضاد بكتيري لبكتيريا الفم التي تسبب رائحة الفم الكريهة وتنخّر الأسنان.

 

ـ الزهرة (القرنبيط): يحتوي على مادة تقوي القلب وتقلل مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، غني بالسيلينيوم الذي يعمل مع فيتامين C لتقوية الجهاز المناعي، ويحافظ القرنبيط على معدلات الكولسترول الصحية في الدم، وهو مصدر هام من مصادر الألياف وبذلك يساعد على حماية الكولون من الإصابة بالسرطان، ويقضي على البكتيريا المسببة لقرحة المعدة، كما يحتوي على فيتامين A المفيد للعيون والعظام والأسنان.

 

ـ الفريز: فاكهة غنية بفيتامين C والمغنيزيوم والزنك وحمض الفوليك، تقلل من احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة، تحمي من آثار الشيخوخة، تساعد على التركيز، تقلل مستوى الكوليسترول.   

 

ـ الجزر: يحتوي على مادتي الكاروتين والليكوبين وهما أقوى مضادات الأكسدة في العالم، يقاوم تدمير الحمض النووي المسؤول عن الوراثة في الجسم، يتخلص من الجذور الحرة التي تدمر الخلايا.

 

ـ العنب: يحتوي العنقود الطازج على 82 % ماء، 16 % غلوسيدات، أملاح معدنية، بوتاسيوم، حديد، سيلينيوم، فيتامينات A، B1، B2، B5، B6، C، P، أما الزبيب فهو غني جداً بالسكر والبوتاسيوم والحديد، وتوجد مادة ellagic acid في العنب وبذوره فتعمل على منع نمو السرطانات ويمنع تحول الخلايا إلى خلايا سرطانية، وهو مفيد لعلاج أمراض الأوعية الدموية لاحتوائه على معدن السيلينيوم، وحتوي بذور العنب الأحمر على مواد تحمي الخلايا الدهنية وتمنع أمراض القلب بحمايتها مادة الكولاجين الضرورية لسلامة الأوعية الدموية، وتلعب دوراً مهماً في مكافحة الأمراض عن طريق تنشيط جهاز المناعة المقاوم للبكتيريا والفيروسات والفطريات، كما تكافح الحساسية بأنواعها وتعمل كمواد مضادة للالتهابات.

 

التفاح: يحتوي على نسبة عالية من فيتامين C والبولي فينول، وتناول تفاحة واحدة في اليوم يقي من العديد من الأمراض ويقلل نسبة الإصابة بالأمراض التي تصيب الدماغ مثل أمراض باركنسون والزهايمر، والتفاح الأحمر أكثر فائدة لاحتوائه تنسبة أعلى من مضادات الأكسدة، وتتواجد مركبات البولي فينول في القشرة أكثر من وجودها داخل الثمرة بخمس مرات. 

 

ـ الكاكاو أو الشوكولا: تحتوي على الثيوبرومين ودهون ومضادات الأكسدة بكمية كبيرة، فيتامين C وE وبعض المعادن مثل المغنيزيوم والسيلينيوم، وكلما كان مسحوق الكاكاو أغمق كان أغنى بمضادات الأكسدة، وللكاكاو دور هام في الوقاية من أمراض متعددة كتلك التي تؤدي إلى تحلل الأنسجة وتهتكها مع تقدم العمر، وأمراض القلب والتعب والانحطاط، وتحد من مخاطر الإصابة بالسرطان بالمساعدة في مكافحة التلف الذي يصيب الخلايا ويسبب نمو الورم، ويمكن أن يدخل الكاكاو في صناعة عدد من المستحضرات التجميلية وخاصة المراهم الحامية للجلد والمرطبة والمنعمة والأقنعة التي توضع على الوجه أو الجسم لإضفاء النضارة والحيوية والجمال.    

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة