دليل أطباء طرطوس

الثلاثاء، 25 مايو 2021

بذر عشاق

 

بذر عشاق

 


 

كل شهر تقربياً كنت أشتري نصف أوقية من البذر الصغير وأنطلق وحبيبتي وهي تتأبط ذراعي باتجاه صخرتنا على الشاطئ القريب من مكان سكننا.

تقاربت مواعيدنا , وأصبحنا نخرج كل أسبوع , وتضاعفت كميات البذر حتى وصلت في إحدى المرات إلى كيلو غرام بالتمام والكمال.

لم تخيفني تلك المصاريف لأنها كانت تصب في الفم المناسب, فم حبيبتي وجارتي منذ الطفولة , هذا هو الفم سأعلن خطوبة فمي عليه نهاية الصيف.

لم تكن كل تلك المشاوير سعيدةً, فمشوار لك ومشوار عليك, وفعلاً كانت شتائم المشوار الأخير كلها علي, وعلى عائلتي , وعلى البذر الصغير, فقد انكسر سن حبيبتي وهي منسجمة بالفصفصة مع تأملها الأمواج والنوارس.

وعدتها بإصلاح ما انكسر, ولكنها الواجهة, واجهة حبيبتي أصابها تشويه غير مقصود شكلاً ولفظاً, وقد تأكدت من ذلك أثناء تعثر لفظها ببعض الأحرف أثناء كيل الشتائم.

اتصلت بها بعد تلك الحادثة المروعة عدة مرات دون إجابة.

وبالتأكيد لم تكن ترد لأنها ترى رقمي على شاشة الكاشف, الذي كان والدها ـ والذي اعتبره أذكى أذكياء الحي ـ قد اشترك بهذه الخدمة منذ بداية علاقتنا..

وللتغلب على ذكائها وذكاء عائلتها اتصلت بها من بقالية جارنا أبي سمير, مصدر البذر الصغير, فردت مصادفةً, عاتبتها , وطلبت لقاءها , فأغلقت السماعة بعد أن صاحت وشتمت, وطلبت مني عدم الاتصال مرةً أخرى, لان كل شئ قد انتهى بيننا.

فوجئ أبو سمير ببكائي وأنا أعطيه القطعة النقدية أجرة المكالمة, وعندما سألني عن السبب لم استطع أن أقول له أنني ابكي حبي الضائع ومشاوير الفصفصة.

بعد أسبوعين, أصابني الشوق والحنين, فقررت ان اذهب لاقف على أطلال صخرتنا وقشورنا. لم اصدق عيني, لقد كانت جالسة على صخرتنا نفسها, وبجانبها شاب من حي بعيد عن حينا, وصوت ضحكاتهما تغطي على صوت البحر.

اقتربت منهما, فرأيتهما في قمة الانسجام, وبينهما كيس مليء بالفستق والحمص والكاجو والبذر الأبيض الكبير.

 

                                                                                 غياث محمود محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة