من ينظر إلى الهاوية .. ينتهي فيها !!

 

من ينظر إلى الهاوية .. ينتهي فيها !!

 

في قرية نائية عند سفح جبل بعيد.. استيقظت أرملة شابة كئيبة تربي ولديها.. أنطونيو 15 عاماً وميغيل 7 أعوام.. تشرب قهوتها وتعد طعام الفطور لابنيها.. تنظر في خطوط البن في فنجانها كمن يفكك قنبلة..

" أشعر أن أمراً خطيراً سيحدث في هذه القرية ".. يضحك الولدان ويقول انطونيو لها: " كفى يا أمي لا تتحدثي مثل عجائز القرية "..

يذهب أنطونيو ليلعب البلياردو مع رفاقه.. يراهنه خصمه نيكاسيو بأنه سيخسر اللعبة أمامه.. يقبل الرهان ويدفع بعصاه الكرة ولا يصيبها.. يخسر رهانه ويدفع لنيكاسيو درهماً.. يشرد أنطونيو متذكراً حديث أمه بأن شيئاً خطيراً سيحدث في هذه القرية.. يذهب نيكاسيو إلى بيته ويقص على أمه ما جرى.. فتأخذ منه الدرهم وتسرع لعند اللحام.. وتطلب رطلاً من اللحم وتستدرك: " اجعلهما رطلين فشيء خطير سيحدث في هذه القرية "!!

بعد قليل تأتي امرأة أخرى لتشتري اللحم.. وتطلب رطلين.. يقول لها اللحام:

" خذي أكثر.. يقولون أن شيئا خطيراً سيحدث في القرية ".. ساعات وكان اللحام قد ذبح كل مواشيه وباع لحمها.. وبحلول مغرب اليوم  كان الخبر قد انتشر في كل القرية.. وسمع به حتى العجائز الطرشان.. " شيء خطير سيحدث في هذه القرية " حط عصفور أسود في ساحة البلدة.. فقال الخباز هذا غراب ونذير شؤم..  أجابه جاره: ليس غراباً وساحات البلدة ملأى بمثله..

ضاق صدر الخباز وأمر زوجته وأولاده بالخروج.. وحمّل في عربته كل ما استطاع حمله.. رآه الجيران فصنعوا مثلما صنع.. تجمع سكان القرية جميعاً في الساحة بعرباتهم ودوابهم وأسرهم وبدؤوا بالخروج نحو السهل وتحت جنح الظلام قبل الانطلاق.. فكر الخباز " لن أترك بيتي لأحد من بعدي " وأشعل كومة من القش رماها على البيت.. رآه الجميع فصنعوا مثلما صنع..

استعرت النار والتهمت كل البيوت.. وضياء اللهب تصاعد عالياً لتظهر خيالاتهم وهم يبتعدون..

أبعدت أم أنطونيو ورق اللعب الذي تجرب فيه فألها.. واشتعلت نظراتها بلهب النار الذي يلتهم القرية.. وصرخت بحسرة وبصوت مكتوم.. " قلبي حدثني صباحاً أن شيئاً خطيراً سيحدث في القرية "!!!

ونحن اليوم نصبح ونمسي على التوقعات السلبية.. أعيننا لا تنظر إلا إلى نصف الكأس الفارغ.. والسؤال: لماذا والله عز وجل منح الدفء والطمأنينة لقلوب عباده.. أليس من الأجدر أن نتحلى بالإيجابية.. لأنه وباختصار " الخيرة فيما اختاره الله " انتبهوا واطردوا شؤم المتشائمين.. ولا تخالطوهم وإن اضطررتم فلا تجادلوهم.. من ينظر إلى الهاوية.. ينتهي فيها!!