دليل أطباء طرطوس

السبت، 22 مايو 2021

جبل قاسيون.. مقام الأربعين.. مغارة الدم معالم حقيقية عطّرتها الحكايات وعظّمتها الخرافات!

 

جبل قاسيون.. مقام الأربعين.. مغارة الدم

معالم حقيقية عطّرتها الحكايات وعظّمتها الخرافات!

 


 يحمل جبل قاسيون نوعاً من القدسية إذ أحيط بالأساطير والأماكن المقدسة المنسوبة إلى الأنبياء، ففيه قبر النبي ذي الكفل في كهف جبريل، ومقام النبي يونس، وقبر الزاهد ابن عربي، وفيه احترس نبي الله يحيى من رجل من قوم عاد في الغار الذي تحته، وفيه صلى ابراهيم ولوط وموسى وعيسى وأيوب عليهم السلام.

ويحوي الجبل العديد من المغارات الطبيعية أشهرها: مغارة الجوعية ومغارة الدم ومغارة الأربعين، وهناك مغارات شقها الإنسان، ويقال بوجود نفق أثري عظيم في قاسيون شقه التدمريون وأهالي مدينة تدمر لجر مياه الشرب إلى مدينتهم من نبع الفيجة خلال حكم زنوبيا.

 


أول الرموز الدمشقية

جبل قاسيون هو الامتداد الجغرافي لسلسلة جبال لبنان الشرقية، وهو أيضاً امتداد عمراني لمدينة دمشق حيث تقع على سفحه بعض أحياء دمشق مثل: المهاجرين، ركن الدين، أبورمانة، الشيخ محي الدين، وغيرها..

ترتفع قمة جبل قاسيون 1153 متراً عن سطح البحر، وتوجد على قمته محطة لتقوية البث الإذاعي والتلفزيوني، وهو أحد أماكن التنزه والترفيه الرئيسية في دمشق، ويقع على سفحه من الجهة الجنوبية الغربية نصب الجندي المجهول تكريماً له ولما بذل من روحه ونفسه.
ويطل منه الزائر على منظر لا أجمل ولا أروع لدمشق خاصة في الليل حيث تتزين المدينة بمصابيحها وأنوارها وفوانيس حاراتها القديمة، ولذلك أقيمت على ذروته الاستراحات والمطاعم ليتمكن الزائر من رؤية دمشق بمشاهد بانورامية، وتم تشجير العديد من أقسامه ليلطف مناخ دمشق وهواءها الذي لوثته عوادم السيارات ومداخن المصانع.


لكل تسمية سبب

سمي قاسيون بجبل الصالحية وجبل دير مران نسبة إلى دير كان فيه، وتسميات عديدة ولكن تبقى كلمة قاسيون هي التسمية لهذا الجبل الشامخ يشاهده الزائر لدمشق من كل شارع وزقاق ومنزل مرتفع.. ويقال إن سبب تسمية هذا الجبل بقاسيون عائد لطبيعته القاسية، حيث قسا فلم تنبت الأشجار على قمته، وقيل أيضاً أنه قسا على الكفار فلم يقدروا أن يأخذوا منه الأصنام.
ويقال إن القائد المغولي تيمورلنك قطع 12 ألف شجرة نخيل كانت تزينه، كما بنى الخليفة العباسي المأمون مرصده الفلكي الشهير على قمته لرصد الكواكب والنجوم.

 



جبل الأربعين

تمتزج الحقيقة بالأساطير حول ذلك المكان الذي يعتبر شاهداً على أولى جرائم الخلق حيث قتل قابيل أخاه هابيل في كهف يسمى (مقام الأربعين) يلوح بين تعرجات الجبل الذي يعلو 900 م عن المدينة، ويمكن للواقف على ضفة نهر بردى مكان مروره تحت جسر السيد الرئيس أن يرى معالمه، لكن الفضول وحده ما سيدفع المرء لصعود الدرجة الأولى عند نهاية امتداد منطقة (الشيخ خالد) في ركن الدين وصولاً إلى مسجد الأربعين، وليس مؤكداً إن كان سيعدّ الدرجات التي صعدها ليتأكد فيما إذا كانت 527 كما يقال أو ألف درجة بعرض 1 ـ 2 م كما هو مثبت رسمياً!

 

جبل ومقام الأربعين.. سر التسمية

يضم مقام الأربعين مغارة الدم التي يعلوها من الخارج أربعون محراباً يقال أنها لرجال يسمون (الأبدال) وهم أربعون رجلاً صالحاً كانوا قائمين على حماية بلاد الشام وكلما مات أحدهم أبدل الله به واحداً آخر، وأتوا يتعبدون في هذا المكان هرباً من ظلم أحد الملوك، وعندما حاصرهم جنود الملك شقّ الله لهم الجبل فخرجوا تاركين في الشق الصخري القائم إلى اليوم رائحة المسك والعنبر، ورمزاً لتواجدهم كان الأربعون محراباً وكانت تسمية الجبل والمقام.

ومن الحكايات التي تروى أن الجهة الشرقية من الجبل تضم رفات 40 رجلاً من هؤلاء الأبدال أصابهم الجوع وليس عندهم غير رغيف واحد أخذ كل منهم يعطيه لرفيقه حتى دار الرغيف على الجميع دون أن يأكله أحد، وفي النهاية مات الرجال جميعاً وبقي الرغيف! 

ومن الروايات الكثيرة عن تسمية الأربعين أن يحيى بن زكريا أقام مع أمه أربعين سنة في المكان، وأن الحواريين الذين جاؤوا مع النبي عيسى كانوا أربعين!

 


مغارة الدم.. مكان الجريمة الأولى

قال تعالى في القرآن الكريم: (واتل علَيهِم نبأَ ابنَي آدم بِالحقِّ إِذ قَرّبا قُرْباناً فَتُقبّلَ من أَحدهما ولَمْ يُتَقبَل من الآخَر قَال لأقتلنَكَ قَال إِنَّما يتقبَلُ اللَّه من المتَقين. لَئنْ بسَطتَ إِلَيَّ يدَكَ لِتَقتُلَنِي ما أَنَا بِباسطٍ يَدِي إِلَيكَ لأَقتلَكَ إِني أَخَاف اللَّه ربَّ الْعَالَمين. إِني أرِيد أَنْ تَبُوءَ بِإِثمِي وَإِثمِكَ فَتَكُونَ من أَصحَاب النار وَذلكَ جَزاءُ الظَّالمين. فَطَوعَتْ لَهُ نَفسه قَتلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبحَ مِنْ الخَاسِرينَ. فَبَعَثَ اللَّه غرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُريه كَيفَ يُوَاري سَوأةَ أَخِيهِ قَالَ يا وَيْلَتي أَعَجَزْت أَنْ أَكونَ مِثْلَ هَذَا الغُرابِ فَأواريَ سَوأةَ أَخِي فَأَصْبَحَ من النَّادمين).

سورة المائدة 27 ـ 31

يقال إن مغارة الدم الموجودة في جبل الأربعين هي التي شهدت مقتل هابيل على يد أخيه الأكبر قابيل، والآيات القرآنية تروي قصتهما حين أراد الاثنان تقديم قربان إلى الرب ليتقربا منه، فتقبّل الله من هابيل ولم يتقبّل من قابيل، فكان ذلك دافعاً ليقتل أخاه، ثم ندم وحار في أمره وأمر الجثة التي هام بها فترة من الزمن لا يدري ما يفعل إلى أن أرسل الله إليه غرابين اقتتلا أمامه فقتل أحدهما الآخر ثم حفر له ودفنه في التراب، وهنا حفر قابيل أول قبر ووارى أخاه على بعد 40 كم من مكان مقتله، والمعروف أن ضريح هابيل موجود على سفح جبل قرب مدينة الزبداني.

ويوجد في المغارة محرابان أحدهما لابراهيم والآخر للخضر عليهما السلام إذ يقال أنهما زارا المكان وصليا فيه.

وقد بني مسجد صغير على المغارة قبل عشرات السنين، قامت وزارة الأوقاف بترميمه عدة مرات، وبجانب المسجد غرفة كبيرة هي عبارة عن خزان قديم يمتلئ بالماء عند هطول المطر.

 


معالم المغارة تسكنها الخرافات

ـ بقعة الدم: تظهر على صخور المغارة بقعة دم غير قابلة للإزالة تجتذب آلاف الناس لرؤيتها وسماع القصة التي تقول أن الأرض تشربت دم هابيل القتيل، فلعنها أبوه (آدم) وحرّم الله عليها أن تشرب دماً بعد هذا الدم.

ـ فم الصخرة: يقال إن الصخرة التي شهدت الجريمة فتحت فمها دهشة ورعباً لهول المنظر، وتبدو تفاصيل واضحة لفم ولسان وأضراس ظاهرة للعيان.

ـ أصابع جبريل: يحمل سقف المغارة آثار أصابع كف يقال أنها لجبريل عليه السلام يوم كاد السقف يسقط على أحد الأنبياء فوضع جبريل يده ومنع السقف من السقوط، وبجانب آثار الكف توجد كلمة (الله) ظاهرة واضحة.

ـ أداة الجريمة: في المغارة حجر يقال إنه قطعة من الحجر الذي استخدمه قابيل لقتل أخيه، والناس يعتبرون تمريره على الجسد وسيلة للشفاء من الأمراض.

ـ بكاء الجبل: شاع لسنوات أن سقف الجبل يقطر ماء، وأن ذلك الماء هو دموع الجبل التي لم تجف حزناً على هابيل، وتتجمع قطرات الماء في جرن حجري يتبارك الزوار بشرب قطرات منه أو مسح وجوههم وأجسادهم به، وقد دفع توقف الجبل عن البكاء ذات مرة إمام مسجد الأربعين للبحث في سقف المغارة فوق المكان الذي يتساقط منه الماء، وهو قرب المنبر الذي تقام فوقه الصلاة، وهناك وجد فراغاً حُشر فيه حجر يبدو أن وضع حديثاً وغُطي بالسجاد الذي يكسو أرض المسجد، وتحت الحجر كانت قناة صغيرة يُسكب فيها الماء فيبكي الجبل.. بعدها قامت مديرية أوقاف دمشق بتشكيل لجنة لإغلاق الأقنية السرية، واعتبر موضوع بكاء الجبل خدعة مصطنعة!  ً

 



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة