دليل أطباء طرطوس

الجمعة، 28 مايو 2021

كيف ومتى نعاقب أطفالنا؟

 

كيف ومتى نعاقب أطفالنا؟

 


 
 

الوالدان يريدان ابنهما مطيعاً، وهذا شيء مطلوب؛ ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ هل يكون عن طريق استخدام العصا والضرب؟

وقبل اتخاذ قرار العقاب يبرز هنا سؤال: لماذا تتجه إلى العقاب والتوبيخ والتعنيف؟ هل ذلك بسبب أنك تريد تعليم ابنك سلسلة من السلوكيات الصحيحة؟ أم أن ذلك بسبب غضب ألم بك ففقدت السيطرةعلى نفسك؟‏

فإن كانت الأخرى فالمشكلة أنه عندما نفقد السيطرة على أنفسنا نُعلّم أولادنا ممارسة سلوك خاطئ، لذلك الآباء الذين لا يسيطرون على مشاعرهم في حالة الانفعال يجدون صعوبة في تعليم أولادهم وإقناعهم أن يسلكوا طريق الحوار والتفاهم في حالة الغضب بدلاً من الضرب والعنف والصخب.‏

لذا من المهم؛ في حالة الغضب الشديد أن تملك نفسك وتبتعد عن معاقبة ابنك،فالغضب يمنعك من التفكير السليم في اتخاذ العقاب المناسب والمنسجم مع وضعية الخطأ حاول أن تلزم نفسك دائماً ألا تتخذ فعلاً خلال غضبك.‏

والطفل قبل العقاب يجب أن يُعلم ما الصواب والخطأ، فلا تتصور أن الطفل لديه المعلومة أو التجربة السابقة ما لم تخبره بذلك، فالعقاب يأتي بعد التعلم واستنفاد سُبل التغيير.‏

وأكثر ما هو مطلوب الاستمرار في التوجيه والتذكير بأسلوب مبسط ورقيق. ولا تتجه إلى العقاب إلا بعد سلسلة من التوجيهات التي تعتقد بعدها أن الطفل أدرك ما تريد، وعند الاتجاه إلى العقاب ابدأ بالعقوبات الأخف كأن تمنعه من اللعب أو مشاهدة التلفاز أو تمنعه من قراءة قصة أو زيارة أصدقائه أو تحرمه من مصروفه اليومي، فلابد من التدرج في العقوبة من الأخف إلى الأعلى.‏

لا تجعل العقاب الحل الرئيسي لجميع المشاكل فأنت بذلك تحطم علاقة المحبة والصداقة بينك وبين ابنك وتزيل منه معاني الرحمة والحب، وتزرع سلوكاً عدوانياً انتقامياً. فليست عقليته وعلمه وخبرته كعقليتك وعلمك وخبرتك فأنت لم تنل ما نلته إلا بعد ممارسة وجهد، فليكن تعليمك له بممارسة وتعليم تربوي صحيح كي تجني نفسية صحيحة خالية من الخوف والاضطهاد والضعف.‏

العقاب عندما يكون مع الحب فإن ذلك لا يحدث آثاراً سلبية، فإذا عاقبت ابنك فأشعره أن ذلك من أجل مصلحته هو، ولا تظهر له صورة بشعة عنك؛ بل أظهر أنك تحبه، وأنت تعاقبه احرص على أن لا تخسر العلاقة بينك وبينه، فلا تفرط في العقاب ولا تضرب الوجه وتشتم وتسب، وتلمزه بأوقح الألقاب، بقدر ما تستطيع حاول أن تتحكم في ألفاظك، فلا تقل مثلاً: «أنت طفل سيئ.» ولكن اجعل السوء يتجه إلى العمل وليس إلى ذات الطفل.‏

وتوجه إحدى الدراسات التربوية بمجموعة من الأفكار حول أساليب العقاب وأهمها:‏

- إن الكلام الجاد الموجه أفضل بكثير من اليد الثقيلة أو الألفاظ القاسية العنيفة. فنحن عندما نعالج مشكلة قد نعمل من غير شعور في تفاقم وتعزيز المشكلة وذلك أن نكون قساة في مواطن لا تنفع فيها القسوة والشدة فمثلاً: يدرس الأب ابنه ثم لا يفهم الابن فيقوم الأب بضربه. فالقسوة هنا ليست صحيحة وليست في مكانها، فقد يكون الخطأ من الأب في عدم قدرته على إيصال المعلومة بطريقة تتناسب مع عقلية الطفل.‏

- العقاب هو إحدى الوسائل الإصلاحية إذا استخدم بطريقة صحيحة فكل طفل بحاجة إلى الانضباط كي يسلك سلوكاً مقبولاً تجاه الآخرين ويتعلم معنى حدود الحرية. وأحياناً يكون العقاب أمراً لا مفر منه وذلك عندما يتجاوز الطفل حدود الأدب وتستنفد كل المحاولات.‏

- يحتاج الوالدان إلى ملاحظة اتساق وتناغم سلوكهم مع الأبناء. فممارسة التدليل الزائد والحماية المفرطة واستبدالها بالعقاب والشدة المفرطة أمر يربك الطفل ولن يدرك سبب العقاب. ولن يأتي العقاب بفائدة.‏

- حاولوا أن تعطوا إنذاراً وتذكيراً للطفل قبل العقاب، ولا تعطوا تهديدات إذا لم تنووا تنفيذها.‏

- لا تعاقبوا طفلكم على سلوكيات هي جزء من نموه الطبيعي كالتبول الليلي، أو مص الأصبع.‏

- لا تعاقبوا طفلكم على أخطاء عفوية أو غير مقصودة كأن يسكب الشاي على السجاد أخبروه أن يكون حذراً في المرات القادمة. فالتشجيع يعمل على مساعدة الطفل في التعلم والاستجابة.‏

- استخدموا الاتصال غير اللفظي فالنظرات الجادة تحمل بذاتها رسالة إنكار وخصوصاً في الأشياء الصغيرة وغير المهمة.‏

- العقاب المؤقت (الحرمان من اللعب لفترة مؤقتة) هو أحد أكثر التقنيات فعالية في الانضباط، فهو يتضمن عزل الطفل فترة قصيرة من الوقت، فهذا يعطي فرصة هدوء من الوقت للوالدين وللطفل؛ إلا إن الفترة يجب ألا تتجاوز عشر دقائق كحد أقصى.‏

- لا تجعلوا العقاب عميقاً وخطيراً فربما يؤدي إلى شعور بعدم الأمان، والعدوانية والكبت. فالعقاب يجب أن يدرك فيه الطفل أنه عمل سلوكي غير مرض، لذلك تكون النتائج غير مرضية لكن لا تكون مدمرة لنفسيته ومشاعره.‏

- عندما ينتهي العقاب، أظهروا حبكم وقبولكم له، ولا تدعوا العقاب يبعدكم عنه.‏

- الطفل بحاجة لسماع أشياء جيدة عن سلوكه وتصرفاته بدلاً من الأشياء السيئة. فالحمد والثناء والشكر والمدح يدفع الطفل للسلوك الحسن.‏

- مخطئ من يقول إن الضرب ليس مؤلماً ولا يؤثر. بل مدمر للنفس إذا تجاوز الحدود.‏

- إن استخدام العنف بطريقة غير صحيحة يؤدي بالطفل أحياناً يسلك الاتجاه العدواني في التعامل مع الآخرين، فالعنف يولد العنف.‏

- الخوف وحده ليس طريقة فعالة في التعلم والتربية وإنما لابد من التعلم والشرح والتبيين وإيجاد قدوات يقتدي بها الطفل في سلوكه.‏

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة