دليل أطباء طرطوس

الجمعة، 28 مايو 2021

ما الذي يدفع الطفل إلى الكذب والسرقة والغش؟

 

ما الذي يدفع الطفل إلى الكذب والسرقة والغش؟

 

 


 قد يحاول إعطاءك نظرة بريئة، ويؤكد لك أنه لم يتناول قطعة الشوكولا المخصَّصة لأخيه، إلا أنَّ آثار الجريمة التي ارتكبها (طفلك) لا تزال واضحة عليه، فبقايا الشوكولا لا تزال موجودة حول فمه.

وقد تكون متأكداً من أنك لم تشترِ له تلك السيارة المعدنية الصغيرة، فمن أين جاء بها؟..
كثيرة هي السيناريوهات التي يتفنَّن بها الطفل في سرد الأكاذيب أو الميل إلى أخذ أشياء تعجبه رغم أنها ليست له.
ولكن ما الذي يدفع بالطفل إلى السرقة والغش والكذب؟، ومتى يكون على الأهل الانتباه إلى إشارات الخطر؟..

قبل أن يشعر الأهل بالانزعاج من تصرّف ابنهم السلبي، سواء كان الكذب أم الغش أم حتى السرقة.. عليهم أن يتوقّفوا ليسألوا أنفسهم «ما الذي دفعه إلى ذلك؟»، ويحاولوا مساعدته على مواجهة الموقف دون أن يؤثر ذلك في شخصيته في المستقبل؛ إذ إنَّ من أسوأ ما يمكن أن يقوم به الأهل هو تصرّفهم بشكل غير حكيم، يعمل على تحويل هذا التصرف السلبي إلى عادة مكتسبة يحملها الطفل معه في المستقبل.

 

الكذب
يعدّ الكذب من بين أكثر التصرفات السلبية شيوعاً بين الأطفال؛ فأغلب الأطفال يمكن أن يميلوا إلى قول الأكاذيب حتى دون الانتباه إلى أنهم يشاغبون.
ويبدأ التطوّر الإدراكي لدى الطفل عندما يبدأ بفهم أنه يكذب ولا يقول الحقيقة، وغالباً ما يكون ذلك بين الثالثة والرابعة من العمر؛ إذ كي يستطيع الطفل أن يكذب، عليه أولاً أن يدرك الواقع، وبعد ذلك عليه أن يدرك كيف يحرّف هذا الواقع، ومن ثمّ يشغّل قدراته الذهنية وذكاءه، لمحاولة إقناع من حوله بأنَّ كذبته حقيقة فعلاً.
وتقول الدكتورة فيكتوريا تلوار (الاختصاصية في علم النفس): عندما يقوم الطفل، الذي يصغر سنّه عن أربع سنوات، بالكذب، فإنه يقوم باختبار قدرة جديدة.
وأضافت: الطفل، في هذه المرحلة، يكتشف أنه يملك الأفكار والمعرفة.
وكلما كبر الطفل (بعد سنّ العاشرة) قلَّ لديه احتمال الاعتماد على الكذب، خاصة أنه يبدأ بعد هذه السن بإدراك الكذب فعلاً، وما هي عواقبه ونتائجه.
كيف يتصرَّف الأهل؟
إنَّ أهم خطوة ينبغي أن يقوم بها الأهل هنا هي أن يكونوا القدوة الحسنة لأولادهم.
ويمكن أن يعدّ ذلك تحدياً كبيراً بالنسبة إلى الكثير من الأهل؛ حيث بيَّنت دراسة أجرتها جامعة
University of Massachusetts في الولايات المتحدة أنَّ ستين في المئة من الأشخاص البالغين يميلون إلى قول كذبة «بيضاء» أو كلام غير دقيق خلال محادثة مع الأصدقاء لمدة عشر دقائق.
وتقول الدكتورة فيكتوريا: إنَّ الطفل يمكن أن يمتصَّ كلَّ شيء من أهله؛ فهو يدرك كيف أنَّ أباه كذب على الجيران بأنه ليس من ترك كيس القمامة إلى جوار مدخل البناء.. أو كيف عبَّرت والدته عن فرحها «الكاذب» بالفستان غير الأنيق الذي قدَّمته لها صديقتها هدية.
لذلك ينصح الخبراء بضرورة تعليم الطفل أهمية قول الحقيقة؛ فعندما يقوم طفلك مثلاً بوضع المفاتيح في القمامة، حاول إفهامه عواقب ذلك، وامنحه الثقة في قول الحقيقة بدلاً من معاقبته.
وتنصح الدكتورة فيكتوريا بأن تدع طفلك يميّز الكذب، كأن تقول له: «كيف يمكن أن تجد الأمر لو قلت لك إننا ذاهبون لشراء البوظة، إلا أننا في الواقع نتوجّه إلى محل البقالة لشراء حاجيات المنزل من خضار وطعام؟».
وينبغي أن يكون العقاب (في حال رأيت أنَّ العقاب هو الأنسب) متعلّقاً بالكذبة نفسها.
وأوضح الدكتور جوشوا سبارو (المتخصّص في الطب النفسي لدى الأطفال) أنه في حال كذب الطفل على أهله ولم يعترف بأنه شاهد التلفاز في الوقت المخصّص للدراسة، فإنَّ على الأهل ألا يعاقبوه بحرمه من تناول الحلوى أو بضربه، بل بالاعتماد على نمط الكذبة نفسها، بحيث يشعر بعواقب كذبته ولا يعيدها في المستقبل. وهنا، على الأهل حرمانه من مشاهدة التلفاز حتى في الوقت المخصَّص لذلك.
وكما يُعاقب الطفل على قول الكذب، ينبغي أن يُكافأ على قول الصراحة.
أما بالنسبة إلى التملّق الاجتماعي الذي يعتمده الأهل، فمن الأفضل أن يخبر الأهل أولادهم بأنهم يضطرون فقط إلى عدم قول الحقيقة تماماً كي لا يجرحوا مشاعر من أمامهم.

 

الغش
إنَّ اللعب بالنسبة إلى الأولاد الصغار تحدٍّ كبير، ويعدّ الربح أمراً ضرورياً بالنسبة إليهم.
ويبدأ الغش في الألعاب غالباً ما بين الخامسة والسادسة، وهو كالكذب؛ فالطفل يبدأ باعتماده عندما تتطوّر قدراته الإدراكية؛ إذ عليه أن يكون أولاً مدركاً لقوانين اللعبة، ومن ثم يدرك أنه من الخطأ أن يكسرها.
كيف يتصرَّف الأهل؟
على الأهل هنا أن يوضحوا لطفلهم أنهم يتمنون أن يربح، إلا أنَّ الأمر سيكون مملاً في حال ربح دائماً.
كما يمكنك مساعدة طفلك على لعب هذه اللعبة التي يودّ الربح فيها بشكل متكرّر، بحيث يستطيع التمكن منها والربح.

 

السرقة
تعدّ الحياة بسيطة بالنسبة إلى طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره؛ فعندما يرى شيئاً ما غريباً أو لامعاً أو لذيذاً فإنه يستولي عليه.
وعلى الرغم من أنَّ الطفل يكبر ويتعرَّف إلى أصدقاء المدرسة، فإنه يمكن أن يحافظ على هذه الخاصية في أخذ ما يحبّ.
ويمكن للطفل ما بين الرابعة والسابعة أن يسحب قطعة حلوى من خزانة جدته أو قطعة نقدية من جيب أبيه.

كيف يتصرَّف الأهل؟

إنَّ أهم خطوة، على الأهل أن يقوموا بها، هي مساعدة الطفل على الشعور بالذنب المرتكب.
وهنا يمكن أن تسأله: «هل سيعجبك الأمر لو قام أحدهم بأخذ ألعابك؟».
ومن الضروري ألا يلقّب الأهلُ طفلهم بـ«الحرامي»، بحسب ما يقول الدكتور النفسي ميشيل بوربا.
وينبغي أن يقول الأهل لابنهم إنه أخذ ما ليس له، وعليه إعادته والاعتذار.
أما مع الأولاد الكبار (أي الذين تجاوزوا العاشرة)، فعلى الأهل أن يؤكدوا لهم أنهم خسروا ثقتهم؛ فالطفل يهتمّ في هذا العمر بالثقة بينه وبين أهله.
وبالنسبة إلى قلق الأهل من هذه التصرفات ومتى تكون تجاوزت الحدّ الطبيعي، يقول الأهل: إنَّ المسألة هي مزيج ما بين تردّد قيام الطفل بها ومدى خطورة الموقف.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة