كل ما يجب معرفته عن التوحد

 

كل ما يجب معرفته عن التوحد

 

بعد أسبوع فقط من دخول ليال إلى الروضة طلبت إدارة الروضة من والديها عرض طفلتهم على طبيب نفسي لتشخيص حالتها، واستمع الوالدان إلى المعلمة التي أخذت تشرح لهما كيف تتصرف ليال بغرابة، وتتحرك في غرف الروضة بلا هدف ولا مبالاة، ولا تهتم كغيرها من البنات بزميلاتها وألعابهم وما يفعلون.. وبين قلق الأب ودمعة الأم سارت ليال ابنة السنوات الثلاث ليتم تشخيص حالتها بعد رحلة من الفحوص الطبية بالتوحد..

 

والتوحد ليس مرضاً عضوياً يمكن ملاحظته أو الشعور بأعراضه، وأبسط تعريف به أنه اضطراب نمائي شامل يظهر في الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل مسبباً نقصاً أو انعداماً للغة الاستقبالية والتعبيرية عند الطفل, وللجانب الاجتماعي والعلاقة مع الآخرين, وللعب والتخيل, ولفهم المشاعر والتعبير عنها.   

  ما هي أسباب التوحد؟

التوحد اضطراب غير تقليدي وأسبابه ما زالت مجهولة وغير معروفة على الرغم من الدراسات والأبحاث الكثيرة  التي أجريت في هذا المجال , حيث لا يعتمد في تحديد التوحد على تحاليل معينة أو دلالات بيولوجية وإنما على  مجموعة من الأعراض السلوكية لذلك يطلق على اضطراب التوحد الاضطراب المعلوم المجهول معلوم بأعراضه  ومجهول بأسبابه وجميع ما قدم إلى الوقت الحالي في مجال الأسباب عبارة عن فرضيات ولا يوجد أي نظرية مثبتة علمياً تعزي  التوحد إلى سبب دون سواه , وتقسم الأسباب إلى أسباب قديمة وأسباب حديثة , ومن الأسباب القديمة الأم الثلاجة أو الباردة , والأسر الغنية , إلا إن هذه الأسباب لم يعد يتكلم بها كأسباب للتوحد , ومن أبرز الأسباب المفترضة والفرضيات الحديثة التي تفسر التوحد:

 الفرضية البيولوجية , الفرضية الوراثية , الفرضية الجينية , الفرضية البيوكيميائية , الفرضية الإيضية , فرضية الفيروسات والتطعيم , الفرضية البيئية , فرضية العقل والأفكار , وتشير الدراسات والبحوث العلمية الحديثة إلى وجود بعض الدلائل والإشارات العلمية التي تشير إلى وجود عامل قوي للأسباب الجينية وراء الإصابة باضطراب التوحد

ما هي أعراض و خصائص طفل التوحد؟

يختلف الأطفال التوحديين فيما بينهم في الخصائص والأعراض التي يظهرونها فهم مجموعة غير متجانسة وأوجه التشابه التي تجمعهم أقل بكثير من أوجه الاختلاف التي تفرقهم , ويمكن ذكر أهم الخصائص والأعراض بما يلي:

·        يصر على تكرار السلوك ويرفض التغيير في البيئة أو الروتين

·        صعوبة في الاختلاط مع الأطفال الآخرين

·        لا يخاف من المخاطر المحيطة

·        ضحك وقهقهة غير مناسبة  

·        يلعب بطريقة شاذة ولمدة طويلة

·        ضعف أو انعدام التواصل البصري

·        ترديد الكلمات التي يسمعها ( يردد كلمات أو عبارات بشكل تسجيلي )

·        يظهر عليه عدم الشعور بالألم

·        لا يريد أن يحضن أحداً , ولا يريد أن يحضنه أحد

·        يفضل البقاء وحيداً

·        لا يستجيب للإيماءات اللفظية ( يتصرف وكأنه أصم )

·        يدور الأشياء

·        صعوبة في التعبير عن احتياجاته

·        تعلق غير مناسب بالأشياء

·        يغضب ويبدو عليه الحزن بدون سبب ظاهري أو منطقي

·        نشاط بدني مفرط أو خمول بدني

·        المهارات الحركية الكبرى والصغرى غير طبيعية

·        لا يستجيب لطرق التدريس التقليدية  

 ما هو الفرق بين أطفال التوحد والأطفال المتخلفين عقلياً:

 أطفال التوحد: لا يوجد لديهم تعلق بالآخرين حتى مع وجود متوسط ذكاء طبيعي , لديهم القدرة على أداء المهمات غير اللفظية وخاصة الإدراك البصري والحركي , كمية واستخدام اللغة للتواصل غير موجودة وإن وجدت تكون غير عادية , لا يوجد لديهم عيوب جسمية , يبدون مهارات خاصة تشمل الذاكرة البصرية والموسيقا والفن ... ,  سلوكيات نمطية شائعة قوية في الشدة والتكرار

 أطفال التخلف العقلي: يتعلقون بالآخرين , لا توجد لديهم مهارات الإدراك البصري والحركي  كأطفال التوحد , كمية واستخدام اللغة للتواصل مناسبة لقدرتهم العقلية , نسبة وجود العيوب الجسمية أكثر بكثير من أطفال التوحد , ليست لديهم مهارات خاصة كأطفال التوحد ( مهاراتهم حسب ذكائهم ) , يختلفون في نوع السلوك النمطي الذي لدى أطفال التوحد حيث لا يكون بنفس الشدة أو التكرار

 ما هو الفرق بين أطفال التوحد والأطفال المعاقين سمعياً:

 أطفال التوحد: أطفال التوحد حاسة السمع لديهم طبيعية , لديهم سلوكيات مثل الانسحاب الاجتماعي والانزعاج من تغيير الروتين وهي تعتبر أولية وأساسية عند أطفال التوحد 

 الأطفال المعاقين سمعياً: لديهم صمم كامل أو فقدان سمعي متباين بالدرجة , ممكن ظهور سلوكيات مثل الانسحاب الاجتماعي والانزعاج من تغيير الروتين لدى الأطفال الصم لكنها ثانوية وليست أساسية

ما هو الفرق بين أطفال التوحد والأطفال الفصاميين:

 أطفال التوحد: غير قادرين على تطوير علاقات اجتماعية مع الآخرين ويرفضون الاستجابة للأشخاص والبيئة , لا توجد لديهم هلاوس وأوهام وفقدان ترابط الكلام , يظهر التوحد قبل عمر 3 سنوات , نسبة الذكور للإناث 4 : 1

 الأطفال الفصاميون: يمكن أن يطوروا علاقات اجتماعية مع الآخرين , توجد لديهم هلاوس وأوهام وفقدان ترابط الكلام , عادةً يبدأ الفصام في بداية المراهقة أو عمر متأخر من الطفولة , في الفصام نسبة الذكور للإناث متساوية

 

 ما الفرق بين أطفال التوحد والأطفال ذوي الاضطرابات اللغوية:

 أطفال التوحد: لا يظهرون التواصل , تظهر لديهم إعادة الكلام وخاصةً إعادة الكلام المتأخر , يفشلون في استخدام اللغة كوسيلة اتصال

 الأطفال ذوي الاضطرابات اللغوية: يحاولون التواصل بالإيماءات وتعبيرات الوجه للتعويض عن مشكلة الكلام , قد تظهر لديهم إعادة الكلام فقط , يتعلمون فهم اللغة الأساسية والرموز غير المحكية ويحاولون التواصل مع الآخرين  

كيف يتم تشخيص التوحد

 تشخيص التوحد مهم جداً لأنه الخطوة الأولى والأساسية لتحويل الطفل التوحدي للمكان التربوي المناسب وتصميم البرنامج التعليمي الخاص به , ويتم التشخيص مع بلوغ الطفل عامه الثالث إذ أغلب أعراض التوحد تظهر قبل سن الثالثة , وخاصة بين سن 15 إلى 18 شهر إذ تلاحظ أسرة الطفل تأخر الطفل في بعض المهارات أو المهام النمائية , حديثاً توصل العلماء إلى بعض المؤشرات التي يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن اضطراب التوحد في السنوات الأولى من العمر , تشخيص الطفل بالتوحد يحتاج إلى فريق يشمل طبيب نفسي أو عصبي أطفال و أخصائي إكلينيكي وأخصائي تواصل وأخصائيين آخرين    

 

ما هو العلاج المناسب لأطفال التوحد ؟

هناك عدد كبير من البرامج العلاجية التي ظهرت من مختلف التخصصات ذات الصلة بهذا الاضطراب , ويمكن عرض أهم هذه البرامج وفق الآتي: برامج التدخل المعتمدة على الاتجاه الفسيولوجي , برامج العلاج المعتمدة على المهارات , برامج العلاج المعتمدة على الاتجاه التربوي

ولعل أفضل هذه البرامج هي البرامج التأهيلية والتربوية ومنها:

·        علاج وتربية الأطفال التوحديين ومشكلات التواصل المشابهة: تيتش 

·        برنامج ( يو. سي . أل . أي ) للدكتور لوفاس : التدريب من خلال المحاولات المنفصلة

·        برنامج تبادل الصور PECS 

·        برامج التدخل المبكر المعتمدة على التقييم الشامل وأسس تعديل السلوك

 

ما مدى دمج طفل التوحد ضمن نظام التعليم العادي:

هذا الأمر يتعلق بتحقق عدد من العوامل ومن أهمها: قدرات الطفل والمهارات التي تعلمها قبل التحاقه بالمدرسة العادية ونوعية التدخل المبكر المقدم للطفل , طرق التدريس في المدرسة إذ كما هو معروف طفل التوحد لديه طرق تعلم تختلف عن أطفال المدارس العادية لذلك ينبغي تعديل بعض الطرق التقليدية في المدرسة لكي تناسب طفل التوحد وبدون ذلك سيواجه طفل التوحد مشاكل وصعوبات كثيرة , مدى تقبل الكادر الإداري والتدريسي لطفل التوحد في المدرسة , أمور أخرى تعود لطبيعة طفل التوحد نفسه , وبدون مراعاة هذه العوامل فإن طفل التوحد غالباً ما يترك المدرسة بعد مرحلة التعليم الأساسي / الحلقة الأولى