دليل أطباء طرطوس

الجمعة، 30 أبريل 2021

تجنبوا الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء!

 

تجنبوا الأساليب الخاطئة في تربية الأبناء!

 

الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه في أحضانها وتتشكل شخصيته خلال الخمس سنوات الأولى، حتى يستطيع الاعتماد على نفسه ويلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل.. لذا كان من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شاباً واثقاً من نفسه صاحب شخصية قوية ومتكيفة وفاعلة في المجتمع.

 


ويتصرف الأهل بشكل خاطئ في تربية الطفل إما بسبب جهل الوالدين للطرق السليمة في التربية وبالتالي اتباع أسلوب الجد والجدة في التربية، أو نتيجة عقدة موجودة عند أحد الوالدين، فالحرمان العاطفي الذي يعاني منه أحد الوالدين يمكن أن يدفعه للتصرف بقسوة مبالغ فيها مع ابنه ليطبق نفس الأسلوب الذي مارسه أبوه عليه، أو يتصرف بشكل معاكس فيفيض عطفاً وحناناً ودلالاً على طفله.

وأبرز الأساليب الخاطئة التي يتبعها الوالدان أو احدهما في تربية الطفل والتي تترك آثارها سلباً على شخصية الأبناء هي..  

 

التسلط أو السيطرة

ويعني تحكم الأب أو الأم في نشاط الطفل، والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها حتى ولو كانت مشروعة، أو إلزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته، ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحياناً، وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات، كأن تفرض الأم على الطفل ارتداء ملابس معينة أو طعام معين، أو عندما يفرض الوالدان على الابن تخصصاً معيناً في الجامعة ظناً من الوالدين أن ذلك في مصلحة الطفل دون أن يعلموا أن ذلك الأسلوب خطر على صحة الطفل النفسية وعلى شخصيته مستقبلاً.

ونتيجة لذلك الأسلوب المتبع في التربية ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع الآخرين، ولا يستطيع أن يبدع أو أن يفكر، أو يبدي الرأي والمناقشة، ما يساهم في تكوين شخصية قلقة خائفة دائماً من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة، وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وشعور دائم بالتقصير وعدم الإنجاز.

وقد ينتج عن اتباع هذا الأسلوب طفل عدواني يخرب ويكسر أشياء الآخرين لأن الطفل في صغره لم يشبع حاجته للحرية والاستمتاع بها.

 

الحماية الزائدة:

يعني قيام أحد الوالدين أو كليهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يفترض أن يقوم بها الطفل وحده، حيث يحرص الوالدان أو أحدهما على حماية الطفل والتدخل في شؤونه فلا يتاح للطفل فرصة اتخاذ قراره بنفسه، وعدم إعطائه حرية التصرف في كثير من أموره مثل: حل الواجبات المدرسية عن الطفل أو الدفاع عنه عندما يعتدي عليه أحد الأطفال.. وقد يكون ذلك بسبب خوف الوالدين على الطفل لاسيما إذا كان الطفل الأول أو الوحيد أو إذا كان ولداً بين عدة بنات..

وهذا الأسلوب يؤثر سلباً على نفسية الطفل وشخصيته، فينمو الطفل بشخصية ضعيفة غير مستقلة يعتمد على الغير في أداء واجباته الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ورفضها، إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وتقبل الإحباط.

وهذا النوع من الأطفال الذي تربى على هذا الأسلوب لا يثق بقراراته، ويعتمد على الآخرين في كل شيء، وتكون نسبة حساسيته للنقد مرتفعة، ويعاني من مشاكل في عدم التكيف مستقبلاً لأنه حُرم من إشباع حاجته للاستقلال في طفولته، ولذلك يظل معتمداً على الآخرين دائماً.

 

الانشغال والإهمـال:

يمكن أن يترك الوالدان الطفل دون تشجيع على سلوك جيد قام به، أو تركه دون محاسبته على قيامه بسلوك خاطئ، وقد ينتهج الوالدان أو أحدهما هذا الأسلوب بسبب الانشغال الدائم عن الأبناء وإهمالهم المستمر لهم، فالأب يكون معظم وقته في العمل ويعود لينام ثم يخرج ولا يأتي إلا بعد أن ينام الأولاد، والأم تنشغل بالعمل خارج وداخل المنزل معتقدة أن حاجة أبنائها تقتصر على إطعامهم وتنظيف ملابسهم.

والأبناء يفسرون ذلك على أنه نوع من النبذ والكراهية والإهمال فينعكس الأمر سلباً على نموهم النفسي.. ويصاحب ذلك أحياناً السخرية والتحقير للطفل، فمثلاً عندما يقدم الطفل للأم عملاً قد أنجزه وفرح به فتحطمه وتسخر من عمله وتطلب منه عدم إزعاجها بمثل تلك الأمور التافهة.. كذلك الحال عندما يحضر الطفل درجة مرتفعة ما في أحد المواد الدراسية لا يكافأ مادياً ولا معنوياً، بينما إذا حصل على درجة منخفضة يتم توبيخه وربما ضربه، وهذا بلا شك يحرم الطفل من حاجته إلى الإحساس بالنجاح، ومع تكرار ذلك يفقد الطفل مكانته في الأسرة ويشعر تجاه أهله بالعدوانية وفقدان الحب، وهو سبب هام لهروب بعض الأبناء من المنزل إلى شلة الأصدقاء ليجدوا ما يشبع حاجاتهم المفقودة في المنزل.

وتكون خطورة الإهمال أكثر ضرراً على الطفل في سني حياته الأولى بإهماله وعدم إشباع حاجاته الفسيولوجية والنفسية لحاجة الطفل للآخرين وعجزه عن القيام بإشباع تلك الحاجات.. ومن نتائج اتباع هذا الأسلوب في التربية ظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف أو الاعتداء على الآخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بالأوامر التي يصدرها الوالدان.

 

الدلال الزائد:

ويعني أن نشجع الطفل على تحقيق معظم رغباته كما يريد هو، وعدم توجيهه وعدم منعه من ممارسة بعض السلوكيات الغير مقبولة، والتساهل معه في ذلك.. فعندما تصطحب الأم الطفل معها إلى منزل الجيران أو الأقارب ويخرب الطفل أشياء الآخرين ويكسرها دون أن تمنعه وتوبخه، بل تضحك له وتحميه من ضرر الآخرين، وكذلك عندما يشتم أو يتعارك مع أحد الأطفال فتحميه ولا توبخه بل توافقه عليه وهكذا..

وقد يتجه الوالدان أو أحدهما إلى اتباع هذا الأسلوب مع الطفل، إما لأنه طفلهما الوحيد أو لأنه ولد وحيداً بين بنات، أو لأن الأب قاسٍ فتشعر الأم تجاه الطفل بالعطف الزائد فتدلل الابن وتحاول أن تعوضه عما فقده، أو لأن الأم أو الأب تربيا بنفس الطريقة فيطبقان ذلك على ابنهما..

ومن نتائج تلك المعاملة أن الطفل ينشأ وهو لا يعتمد على نفسه، وغير قادر على تحمل المسؤولية، وبحاجة لمساندة الآخرين ومعونتهم، كما يتعود الطفل على أن يأخذ دائماً ولا يعطي، وأن على الآخرين أن يلبوا طلباته وإن لم يفعلوا ذلك يغضب ويعتقد أنهم أعداء له، ويكون شديد الحساسية وكثير البكاء.. وعندما يكبر يعاني من عدم التكيف مع المجتمع، فينشأ وهو يريد أن يلبي له الجميع مطالبه، ويثور ويغضب عندما ينتقده أحد، ويعتقد الكمال في كل تصرفاته وأنه منزه عن الخطأ، وعندما يتزوج يُحمّل زوجته كافة المسؤوليات دون أدنى مشاركة منه ويكون مستهتراً نتيجة غمره بالحب دون توجيه.

 

إثارة الألم النفسي:

ويكون ذلك بإشعار الطفل بالذنب كلما تصرف تصرفاً غير مرغوب فيه، وكذلك تحقير الطفل والتقليل من شأنه والبحث عن أخطائه ونقد سلوكه، مما يفقد الطفل ثقته بنفسه فيكون متردداً عند القيام بأي عمل خوفاً من حرمانه من رضا الكبار وحبهم.

وعندما يكبر هذا الطفل يكون شخصية انسحابية منطوية غير واثق من نفسه، يوجه عدوانه لذاته، ويشعر بعدم بالأمان ويتوقع أن الأنظار دائماً موجهة إليه، فيخاف كثيراً، ولا يحب ذاته، فيمتدح الآخرين ويفتخر بهم وبإنجازاتهم وقدراتهم أما هو فيحطم نفسه ويزدريها.

 

التذبذب في المعاملة:

ويعني عدم استقرار الأب أو الأم من حيث استخدام أساليب الثواب والعقاب فيعاقب الطفل على سلوك معين مرة ويكافأ على نفس السلوك مرة أخرى.. وذلك نلاحظه في حياتنا اليومية من تعامل بعض الآباء والأمهات مع أبنائهم مثلاً: عندما يسب الطفل أمه أو أباه نجد الوالدين يضحكان له ويبديان سرورهما، بينما لو كان الطفل يعمل ذلك العمل أمام الضيوف فيجد أنواع العقاب النفسي والبدني.. فيكون الطفل في حيرة من أمره ولا يعرف هل هو على صح أم على خطأ!

وغالباً ما يترتب على اتباع ذلك الأسلوب شخصية متقلبة مزدوجة في التعامل مع الآخرين، وعندما يكبر الطفل يكون سلوكه متقلباً، فمرة يتصرف برفق وحنان ومرة يكون قاسياً دون أي مبرر لتلك التصرفات، وقد يكون في أسرته شديد البخل والتدقيق في حساباته ودائم العبوس، أما مع أصدقائه فيكون كريماً متسامحاً ضاحكاً مبتسماً.

 

التفرقة بين الأبناء:

عدم المساواة بين الأبناء جميعاً والتفضيل بينهم بسبب الجنس أو ترتيب المولود أو السن.. فبعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث أو تفضل الأصغر على الأكبر، أو تفضيل ابن من الأبناء لأنه متفوق أو جميل أو ذكي...

وهذا يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون بالحقد والحسد تجاه الابن المفضل، وينتج عنه شخصية أنانية حيث يتعود الطفل أن يأخذ دون أن يعطي، ويحب أن يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على حساب الآخرين ويصبح لا يرى إلا ذاته فقط ولا يهمه الآخرون، أي يتحول إلى شخصية تعرف مالها ولا تعرف ما عليها.. تعرف حقوقها ولا تعرف واجباتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أطباء ـ أشعة